حدثت تظاهرات في بعض الدول العربية في محاولة للتغيير نحو الأفضل والتخلص من الأنظمة الاستبدادية التي حكمتها لسنين طويلة، بعض تلك التظاهرات كانت سلمية، اما البعض الآخر فبدأت سلمية لكنها سرعان ما تحولت الى نزاعات مسلحة داخلية، ومن بين تلك الدول ليبيا، اذ تحولت التظاهرات في 16شباط /فبراير عام 2011م أي بعد 3 أيام من اندلاعها الى نزاعات مسلحة ما بين نظام القذافي والمتظاهرين، اذ استعمل القذافي وسائل العنف ضد المتظاهرين كافة، مما دفعهم الى استعمال العنف المضاد تجاه أنصاره والموالين له، ولذلك كانت التظاهرات الليبية احد الأسباب الرئيسة لاندلاع النزاعات المسلحة الداخلية، في الوقت نفسه لا يمكن إغفال الموروث التأريخي الذي كان له دور في تلك النزاعات، فالسياسة التي اتبعها نظام القذافي والقائمة على حكم الفرد الواحد ومنع وجود مؤسسة عسكرية قوية وانشاء وحدات أو كتائب تابعة للقذافي، واعتماد نظامه على تسيس القبيلة عن طريق تقريب القبائل الموالية له واقصاء وتهميش القبائل المعارضة، ومنع وجود أي نوع من أنواع الرأي الآخر سواء كانت معارضة سياسية ام تعددية حزبية او حتى منظمات مجتمعية كل هذا أوجد بيئة ملائمة لحدوث النزاعات المسلحة الداخلية، وبعد انهيار نظام القذافي عام 2011 م لم تنتهِ تلك النزاعات بل ازدادت إلى وقت إعداد هذه الاطروحة، وذلك لضعف الحكومات الإنتقالية في إدارة البلاد اذ لم تعمل على حل الجماعات المسلحة ومنع انتشار السلاح في ليبيا، ومما زاد من حدة تلك النزاعات هو الإنقسام السياسي، اذ توجد داخل ليبيا حكومتان، واحدة في الشرق الليبي والأخرى في الغرب، وأصبحت اغلب الجماعات المسلحة تعمل تحت أطار الحكومتين، أما في الجنوب الليبي فأن النزاعات المسلحة أغلبها كان يدور حول السيطرة على منافذ الحدود والموارد ومحاولة الحصول على موقع ضمن السلطة الجديدة.