لقد احتلت دراسة الانحراف أهمية محورية بالنسبة الى اهتمامات النظرية الاجتماعية، فبالنسبة الى دوركهايم كانت الجريمة ومن ثم وكامتداد طبيعي لها، الانحراف بصفة عامة امراً طبيعياً ووظيفياً بالنسبة الى النظام الاجتماعي، حيث تعمل على تعميق المشاعر الجمعية والتضامن وتوضيح وتعزيز قيم ومبادئ المجموعة، وكانت فكرته عن اللامعيارية أو حالة اللاطبيعية كمصدر للسلوك المنحرف قد جرى استعارتها والبناء عليها وتنقيحها من قبل باحثين آخرين .
إن الدراسات النظرية التي قام بها توماس هوبز وسيجموند فرويد حول السلوك المنحرف تؤكد على أن السلوك المنحرف ما هو إلا صراع بين رغبات وطموحات ودوافع الفرد من جهة ووسائل الضبط الاجتماعي والسلوكي التي يعتمدها المجتمع أو الجماعة من جهة أخرى، ولكن عندما يكون المنحرف هو أعلى سلطة في المجتمع فعن أي دوافع وعن أي وسائل ضبط نتحدث؟
السلطة هي من تـنحرف، ولكن، ما هي السلطة؟
هل هي قوة حتمية للقوانين الطبيعية التي تعبر عن نفسها في روابط ضرورية وتعاقب للظواهر في العالمين المادي والاجتماعي؟