إن ظهور الذكاء الاصطناعي وتداخله مع شتى جوانب الحياة يمثل أداة تمكينية للريادة في النظام الدولي ويولد فواعل جدد على شكل كيانات تكنولوجية، ويعزز مكانة المواهب الفردية مما يرفع أهمية الفرد في النظام الدولي ويؤثر في ميزان القوة، فالدول كانت هي الفاعل الوحيد المحتكر للأسلحة النووية تجد نفسها في مرتبة متأخرة عن الشركات التي تمتلك أدوات عنف جديدة ممثلة بأسلحة الذكاء الاصطناعي، و كما سيؤثر الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد بصورة مباشرة من حيث التوظيف والكفاءة ويرفع قيمة الاقتصاد المعرفي الامر الذي يضع الدول الريعية في ظروف معقدة ويمتد تأثير الذكاء الاصطناعي ليصل الى الحياة الاجتماعية والأنظمة القانونية معرضاً أياها لامتحان صعب، إذ سيعاد تعريف الخصوصية والديموقراطية والحقوق الفردية والسلطة وسيادة الدولة والامن والاعتمادية والحرب.
تأتي أهمية هذا الكتاب من الحاجة الماسة الى اظهار دور التغييرات الناتجة من استخدام الذكاء الاصطناعي في النظام الدولي من تغيير تراتبية، وتغير الفهم التقليدي للقوة الى معيار جديد هو مقدار احتكام الدولة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستتخلل معظم جوانب الحياة في محاولة لتحديد المخاطر الناتجة من التحول الى أنظمة الذكاء الاصطناعي على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني، وفي ضوء ذلك يمكن أن نحدد الاستراتيجية الملائمة لإعادة التموقع في النظام الدولي..