أصبح وجود نظام قانوني دولي للاتصالات من الأُمور البالغة الأهمية في عالم اليوم، فقد رافقت ثورة الاتصالات موجه من خروقات القانون الدولي وهذا النظام لن يكون جديداً بكل تشريعاته، إذ إنَّ هناك الكثير من التشريعات الخاصة به وجدت متناثرة في الاتفاقات الدولية الخاصة بنقل المعلومات وفي مقدمتها إعلان حقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي نص على مبدأ حرية انتقال المعلومات وأورد قيوداً عليه كمبدأ قانوني أساسي في هذا النظام على أنواع الاتصالات كافة كوسائل لنقل المعلومات سواء أكانت التقليدية منها كالبث الإذاعي والتلفزيوني أو الفضائية منها كالبث عن طريق الأقمار الصناعية أو انتقالها عبر الطرق السريعة (الأنترنت). وبهذا المبدأ وقيوده تتمسك الدول جميعها لتبث ما تشاء من معلومات مراعية عدم الإضرار بالدول المستقبلة من حيث نظمها السياسية والاجتماعية ومبادئها الدينية والاجتماعية، كما تستطيع الدول المستقبلة أن تمنع هذه المعلومات من دخول أراضيها على وفق هذه القيود .
وتبرز ضرورة تنظيم حصة كل دولة من الترددات التي تعدُّ قوام الاتصالات التقليدية سواء عن طريق البث الإذاعي والتلفزيوني أم على وفق تلك الترددات التي تمثل طيف المدار الثابت الذي يستعمل مداراً لأقمار الاتصالات، وقد بذل الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) عن طريق اتفاقاته ومؤتمراته جهوداً للتوصل إلى استعمال منصف لهذه الترددات وتوزيعها بشكل عادل لاسيّما أن الدول المتقدمة حازت على هذه الترددات فعلياً من دون اعتبار للدول النامية التي يجب ضمان احتياجاتها المستقبلية من هذه الترددات التي تعدُّ مورداً طبيعياً. وعلى هذا الأساس قام مكتب تسجيل ترددات الراديو بتنظيم حصول الدول على هذه الترددات بحسب حيازتها لها في مجال الاتصالات الأرضية من دون اتخاذ تدابير قانونية للتوزيع العادل لها في الاتصالات الفضائية، فقد تم حجز مواقع خاصة بالدول النامية ضماناً لاحتياجاتها المستقبلية ومع ذلك بقي مبدأ (First Come First Serve) أي من يأتي أولاً يخدم أولاً، معمولاً به، وهذا تناقض في سياسة الاتحاد، إذ يجب أن يتخذ تخطيط يعمل على وفق مبدأ واحد هو مبدأ التوزيع العادل للدول، وممكن أن تؤخذ بالاعتبار مدى تطور الدول وحاجتها من دون تفضيل لمواقع الدول المتقدمة التي حازتها فعلياً ومن دون تخطيط على المواقع المخططة كما هو معمول به في الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) حالياً؛ لأنَّ ذلك يبدو وكأنه كيل بمكيالين، فدور مكتب التسجيل لا يغدو أن يكون توثيقاً بعيداً عن العمل القضائي والتشريعي، وقد كان من سلبيات عدم تنظيم هذا المكتب حدوث التداخل الضار الذي حظر في عدد من اتفاقيات الاتصالات بعد أن كان مبدأً عرفياً سائداً في مجال الاتصالات، فتنظيم توزيع الترددات يمنع حدوث مثل هذا التداخل..
. …