لا تزال المدن منذ القدم المنشأ الأول للدول وتطورها والمقياس لدرجة تحضرها فهي المرأة العاكسة للبعد الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي للمجتمع والميدان الأفضل لدراسة علمية، إذ لعبت دورا كبيرا في تأدية وظائف عديدة ومتنوعة للإنسانية والتغير في البنى التحتية لها وهذه التغيرات لم تمس المدن بمفردها بل مست أيضاً المجتمعات التي تسكنها وتركت بصمتها على نمط معيشتها باعتبار أن الإنسان بحاجة ماسة لكل ما تحويه المدن من نشاطات، وتعد مشكلة التلوث البيئي من أهم المشاكل التي تعاني منها المدن بصورة عامة ومدينة الموصل بصورة خاصة فضلا عن مشاكل السكن والنقل وقلة الخدمات.
وقد ازدادت هذه المشكلة يوماً بعد أخر بعد ازدياد أعداد السكان واتساع مساحة المدينة وهذا بدوره أدى إلى تزايد أعداد السيارات وكذلك اثر الجزرات السكانية داخل المدينة جراء التوسع المساحي ومن ثم ضمها بواسطة الاسر الحضري كذلك قلة الوعي عند الساكن الريفي من ناحية البيئة والذين وفدوا الى المدينة باعداد معتبرة, وبالتالي زيادة استهلاك الوقود للأغراض المختلفة مما زاد في تدهور البيئة . وكذلك الظروف التي مر فيها العراق منذ الثمانينات من القرن الماضي، فضلاً عن الحصار الاقتصادي الذي فرض عليه منذ التسعينات فأدى إلى تدمير البنى التحتية وضعف الخدمات. اذ أمست وتيرة التلوث تتسع وتتزايد وأصبحت تمثل هما رئيسا يقض مضاجع ساكنيها وينكد عيشتهم حيث يوجب القلق حيال هذه المشكلة في مدينة الموصل ووجوب دراستها وتحليلها والتحري عن حقيقتها..