الرقابة هي الركن الاساس لقيام نظام اللامركزية الادارية وتكمن اهميتها في الحفاظ على الوحدة السياسية والقانونية للدولة وذلك لان الاستقلال المطلق للهيئات المحلية يهدد كيان الدولة ويؤدي الى عدم التجانس والانسجام ما بين السلطة الاتحادية والسلطة المحلية ولضمان مشروعية اعمال الهيئات المحلية وفقا للقوانين والانظمة واللوائح فهي بذلك تمثل سلاحا قويا تلوح به السلطة الاتحادية في مواجهة الهيئات اللامركزية وعدم وجود الرقابة يعني تحول المحافظات الى دويلات صغيرة داخل الدولة تعمل على التفكك والانفصال مما تؤدي بالنتيجة الى ضعف السلطة الاتحادية.. وقد انتهج العراق بعد تغير النظام السياسي عام 2003 نظاما برلمانيا في الحكم ونظاما لا مركزيا في ادارة المحافظات وفق الدستور العراقي لعام 2005 وقانون المحافظات الغير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة2008 وعلى الرغم من اهمية هذا النظام فإن المشرع الدستوري جانب الصواب عندما اهمل ركن الرقابة وذلك في المادة (122-خامسا) بعدم خضوع مجلس المحافظة لسيطرة او اشراف اي وزاره او جهة غير مرتبطة بوزاره ومنح استقلالية تامة لمجالس المحافظات في تسيير مهامها الادارية والمالية حتى جاء المشرع العادي في قانون المحافظات النافذ رقم 21 لسنة 2008 وتدارك ذلك الامر بالنص على خضوع مجالس المحافظات لرقابة مجلس النواب دون السلطة الاتحادية لأجل الحفاظ على استقلالية هذه المجالس بما يمثله مجلس النواب من كيانات سياسية عديده تحقق ذلك. ولذلك كانت الرقابة اكثر وضوحا وتفصيلا في قانون المحافظات النافذ منها في الدستور الذي اضعفها وتمارس من خلال السلطة الاتحادية (التشريعية – التنفيذية –القضائية) والهيئات الرقابية المستقلة (ديوان الرقابة المالية –هيأة النزاهة) وعلى الرغم من اهمية هذه السلطات الا ان الواقع العملي يشير الى تلكؤها بشكل غير مسبوق في أدائها الرقابي تجاه مجالس المحافظات مما استوجب ذلك البحث عن ابرز محددات الرقابة والمعززات التي تساعد على تفعيلها ومستقبل هذه الرقابة كيف سيكون ؟ اذ ينبغي في الوقت الذي تشهده الساحة العراقية ان تكون هناك قوة فعليه للسلطة الاتحادية على هذه المجالس فيها نوع من المرونة التي تضمن تطبيق اسس الديمقراطية بشكل سليم وهذا هدف الدراسة في اعطاء تصور تدقيق عن الموضوع وتحليله وعليه تم تناول موضوع الدراسه على وفق هيكليه مقسمه الى مقدمه وثلاث فصول مع خاتمه. يتناول الاول منها الاطار النظري والمفاهيمي للرقابة اما الفصل الثاني فتناول التنظيم الدستوري والقانوني لرقابة السلطة الاتحادية على مجالس المحافظات في العراق وتناول الفصل الثالث تقويم رقابة السلطة الاتحادية على اداء مجالس المحافظات.