إبراهيم طوقان يقدّر القيادات الجديرة، فتراه يقول عن الشيخ المظفّر الذي رفض التوقيع على عدم التظاهر، ورضي أن تزّج به سلطات الانتداب البريطاني في السجن، في حين وقّع غيره وانصاع:
إن المظفّر من حديد جسمه
فيما أرى وجسومهم من سكّر
في هذا البيت تبجيل وسخرية، والسخرية في شعر إبراهيم تنّم عن روح نقدية، وحس بالفكاهة، ومرارة من كل ما يحدث لفلسطين وشعبها.
شخصية إبراهيم غنيّة، رحبة، منفتحة، وشعره مرآة عاكسة لمكوناته هذه، ولأنه ليس ذا بعد واحد، فهو لا يحبس نفسه في قوالب ضيقة، ولذا تراه يبدع شعراً وطنياً، وغزلاً رفيعاً أنيقاً، وله شعر (كاريكاتوري) ساخر لا يمكن نشره سبق به الشاعر المصري نجيب سرور و(أميّاته)!…
عمل إبراهيم في إذاعة فلسطين مديراً لقسم البرامج العربيّة، وقدّم أحاديث أدبية تنّم عن رؤية نقدية، ورغبة في تعريف القارئ العربي في فلسطين بروائع الأدب العربي القديم والحديث، وخاض معركة مع القائمين على الإذاعة الذين أرادوا منه تقديم تلك البرامج باللهجة العّامية الفلسطينية، وثبت على موقفه.
رعى إبراهيم شقيقته فدوى التي حرمت من المدرسة وحبست في البيت، وبفضل رعايته وعنايته بها، تفجّرت موهبتها وملأ حضورها دنيا العرب.
تقول فدوى في كتابها (رحلة جبليّة، رحلة صعبة):
لقد أصبح شعره المحمّل بحرارة هذا الواقع واشتعاله قوي النفاذ في الوجدان الفلسطيني. ولم يلبث أن انضم إليه صوتان لا يقلاّن نفاذاً – عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى)، وعبد الرحيم محمود تلميذ إبراهيم وصديقه.. هذه الأصوات تشكّل الثالوث الذي صنع البداية للشعراء الفلسطينيين.
…….