سياسة الدولة العثمانية تجاة الامبرطورية الرومانية المقدس

إن لدراسة موضوع سياسة الدولة العثمانية تجاه الإمبراطورية الرومانية المقدسة في عهد السلطان سليمان القانوني يحتل أهمية بالغة، فعلى الرغم من اهتمام المؤسسات الأكاديمية في العراق في الآونة الاخيرة بدراسة جوانب متعددة من التأريخ العثماني والتاريخ الأوربي الحديث، فإنها تفتقر على حد علمنا إلى أي دراسة رصينة تتناول المراحل المبكرة من تاريخ الصراع العثماني النمساوي على المجر.

ووفقاً لذلك، فإن غياب الدراسات التي تتناول هذا الموضوع بصورة مستقلة، دراسة وافية، وشاملة للمرحلة التي يتصدى لها هذا الكتاب، وندرة وأقتضاب المترجم منها، فإن الكتاب الراهن هو محاولة لسد هذا الفراغ، القصد منها رفد المكتبة العربية بأحد المصادر التي تعالج تاريخ الصراع العثماني النمساوي على المجر والأطلاع على تلك المرحلة لفهم مفاصل ذلك الصراع بمراحله كافة، وتقصي الحقائق بصورة علمية موضوعية.

إن إهتمامنا بهذا الموضوع يأتي من واقع المرحلة التاريخية التي يتناولها، إذ ارتبط القرن السادس عشر بأحداثٍ، وتطورات تاريخية احتلت مكانة كبيرة في مجال التاريخ العالمي، إذ شهد عصر النهضة الأوربية، وما رافقها من حركات للإصلاح الديني، والاستكشافات الجغرافية، وانتشارٍ للمستعمرات الأوربية في أصقاع شتى من العالم، لذلك، فإِنَّ دراسة أوجه الصراع بين الدولة العثمانية والإمبراطورية الرومانية المقدسة ضمن سياق تلك المتغيرات التي شهدها القرن السادس عشر الميلادي، من شأنه أن يوضح لنا مدى تأثير ذلك الصراع في مسار التاريخ العالمي عموماً، والتاريخ العثماني والأوربي على نحو خاص.