وفق أحكام قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقانون المدني
يعد عقد الإيجار واحداُ من أهم العقود المسماة، وأحد أقدم العقود التي عرفها الفكر القانوني، فمن خلاله يحصل الأفراد على منافع الأشياء التي يعجزون، أو لا يرغبون في تملكها.
فعقد الإيجار قد ظهور بالتزامن مع ظهور الطبقة الثالثة في المجتمع الإنساني، الطبقة التي توسطت طبقتي الأسياد والعبيد، إذ لم يكن هذا العقد معروفاً في العصور الأولى للإنسانية، لأن المجتمعات كانت تتكون من طبقتين هما: طبقة الأسياد وطبقة العبيد، فلم يكن العبد بحاجة إلى مسكن لأن وضعه الإنساني يجعله يسكن مع سيده.
غير أن ظهور الطبقة الوسطى التي تكونت من عبيد تحرروا فارتفعوا درجة أعلى، وملاك أضاعوا ما بأيديهم من أملاك، فهبطوا إلى درجة أدنى ليتلمسوا أسباب العيش من كسب أيديهم، فكان من نسلهم تلك الطبقة الوسطى، وكل هذا قد أحدث تحولاً عميقاً في بنية المجتمعات الإنسانية وما صاحبها من نشوء علاقات قانونية يتطلبها واقع الحياة آنذاك، فأفراد هذه الطبقة لم يكن بمقدورهم تملك العقارات، سواء منها المساكن أو الأراضي الزراعية، وليس بوسعهم التقوقع في مرتبة العبيد الذين يعيشون مع أسيادهم ويسكنون معهم، الأمر الذي دفعهم إلى العمل في أراضي الغير من الأسياد لغرض جني المال لمواجهة ظروف الحياة، والبحث عن مسكن آمن يستأثرون بمنافعه مع أفراد أسرهم .
وفي الاتجاه ذاته، فبدل من العمل في أراضي الغير كأجراء، دعت الضرورة إلى أن يحسَّن العمال أوضاعهم وذلك من خلال تسخير منافع الأراضي التي يملكها الأسياد لصالحهم مقابل أجر، فكان لمثل هذا التحول أن ظهر عقد الإيجار.