برز من بني تميم العديد من العلماء والأدباء والشعراء والقضاة في مدن الأندلس المختلفة وكانت نتجاتهم العلمية غزيرة تميزت عن غيرها من القبائل في هذا المضمار فكانت لهم مشاركة واسعة في كافة النواحي الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية وسوف نظهر ذلك بوضوح من خلال كتابنا هذا الذي يعد موسوعة علمية تكثف لنا رجالات بني تميم الذين ملئوا مدن الأندلس بعلمهم وأدبهم وأشعارهم ونالوا منزلة كبيرة وحظوا باهتمام كبير لدى الأمراء والخلفاء في الأندلس ووصلوا الى مناصب عليا في الدولة العربية الإسلامية في الأندلس فأصبح منهم الوزراء والقضاة والشرطة والحسبة والطب وعلوم الحديث والفقه والأدب والشعر والبلاغة وغيرها من العلوم الأخرى.
هدفنا من العمل هو ذكر إحصائية عن هؤلاء الأعلام من بني تميم لما حققوه من إنجازات عظيمة تستحق الذكر في بلد الأندلس في العصر الإسلامي والتطرق الى حياتهم وسيرتهم ومؤلفاتهم ووفياتهم ويلاحظ أن مدن الأندلس ساهمت في إنجاز حضاري كبير وكانت لهم الموطن الأصلي الذي انتقلوا اليه وعاشوا فيه لما تتمتع به هذه البلاد من خيرات وأمن واستقرار سياسي ورغد العيش في حين كان الجهل والظلام يسود أنحاء أوربا فكانت البلاد الآمنة المطمئنة التي نعمت بنور الإسلام منذ أن فتحت على يد العرب المسلمين لينشروا فيها العدل والإسلام. وكان للتعايش السلمي بين الأديان في الأندلس الأثر الواضح الكبير في نقل الحضارة العربية الإسلامية الى تلك الشعوب وإزالة الفوارق الطبقية.
ليكن العدل والصدق والامانة في ضبط النصوص وذكرها عن بني تميم من المصادر الاندلسية التي ساهمت في بناء الحضارة الانسانية دون أنحياز أو تميز على حساب العشائر الاخرى والتي تم توثيقها في الهامش لكوننا نتشرف بالانتماء الى هذه القبيلة العربية الأصيلة فنسأل الله أن يعصمنا من الزلل وأن نكون قد حققنا للقارئ خدمة علمية نافعة من التراث الأندلسي.
لقد تم جمع أكثر من تسعين شخصية من أعلام بني تميم في الأندلس وقد كانت المصادر التاريخية الإسلامية متفاوتة في عرض وتقديم المعلومات عن هؤلاء الأفذاذ من العلماء والأدباء والقضاة ورجال الفكر والحديث والنحو والقراء والرواة فتارة نجدها تقدم لنا الكثير من المعلومات عن بعض الأشخاص في حين نجد على العكس هناك معلومات ضئيلة جداً أن لم تكن نادرة أو في بعض الأحيان لا تكاد تتجاوز السطر الواحد والحقيقة لا نعلم السبب الحقيقي في ذلك قد يكون بسبب ضياع وفقدان المخطوطات التي تؤرخ لتلك الفترة أو ربما لم تصل إلينا أصلاً بسبب تعرضها لعمليات السلب والنهب والحرق عندما غادر العرب المسلمين بلاد الأندلس مجبرين بعد سقوط الأندلس بيد الأسبان سنة (897هـ/1492م) وما تعرض إليه العرب المسلمون هناك على يد محاكم التفتيش السيئة الصيت التي أذاقت العرب الويلات وملئت قلوبهم الحسرات بعد أن كانوا هم سادة تلك الربوع الخضر من أوربا على طوال ثمانية قرون.