تلعب البنوك دوراً جوهرياً في تحقيق التنمية بجميع أشكالها، البشرية، والمادية، منها، وذلك باعتبارها ملاذا لتركيز الأموال، وإعادة توظيفها بطرق مختلفة. ومما يؤكد حيوية دور البنوك هذا، أن الأزمة المالية العالمية التى عصفت بالإ قتصاد العالمي، وحدّت من نموه بدأت بسبب البنوك، وانتهت عند البنوك.
ومن جملة الأعمال التى تقوم بها البنوك في سبيل توظيف الأموال المجمعة لديها: تأمين العمليات التجارية عموما، وفي ميدان التجارة الدولية علي وجه الخصوص، فهي تقوم بإصدار ضمانات مصرفية مستقلة تمثل شريان الحياة للتجارة الدولية.
فمن العمليات الأساسية التى يقوم عليها نشاط البنك إصدار خطابات الضمان لتأمين حسن التنفيذ في عقود التجارة الدولية، لاسيما في عقود المقاولات وعقود التوريد الدولية، فهي تطمئن المستفيد منها، أن المتعهد بالتنفيذ سيقوم بأداء التزامه المتفق عليه، أو أنه سيحصل علي مبلغ مإلى بصورة فورية من البنك مُصدر خطاب الضمان.
وإلى جانب خطابات الضمان تقوم البنوك بفتح اعتمادات مستندية وفقا لصور مختلفة أبرزها الاعتماد المستندي القطعي، والذي يلعب دورا جوهريا في ضمان تنفيذ التزام البائع، والمشتري في عقود البيع الدولية.
ويتميز كل من خطاب الضمان، والاعتماد المستندي القطعي بالقوة، والاستقلال عن العقد الذي صدرا من أجله، ومن هنا جاء وصفهما بأنهما ضمانات مصرفية مستقلة، وقد رأينا التقديم لهما بدراسة موجزة ضمن (مبحث تمهيدي) تحت عنوان الملامح العامة للضمانات المصرفية المستقلة.
وقد كشف العمل بهذه الضمانات عن وجود معوقات رأي القضاء في الكثير من الدول أنها تؤثر غلي فعإلىتها. وتقع هذه المعوقات بفعل المستفيد من الضمانة المصرفية المستقلة، وترتد عليه أيضا آثارها السلبية.
وتبرز أهمية طرح موضوع معوقات الضمانات المصرفية المستقلة للدراسة والبحث من ناحيتين: أهمية عملية، وأخري نظرية.
بالنسبة للأهمية العملية فتتمثل في تقديم إيضاح للمشتغلين بالضمانات المصرفية المستقلة عن الأسس التى يقوم عليها الغش، والتعسف كمعوقين لهذه الضمانات، وكذلك ما يترتب عليهما من آثار في حال وقوعهما لاسيما في ظل عدم وجود تنظيم لهذه المعوقات سواء في القوانين المحلية، أو في القواعد، والأعراف الدولية.
وأما فيما يتعلق بالأهمية النظرية فإن هذا الكتاب يأتي في محاولة لإثراء المكتبة العربية، والتى تعاني قلة واضحة في الكتابات التى تتناول أيا من هذه المعوقات وحتى بعض الكتابات علي قلتها التى أشارت إلى أحد المعوقات (الغش) فإنها لم تشر إلى المعوق الآخر (التعسف)، وحتى أن أشارت إليه فإنها تتناوله باعتباره مرادفا للغش، كما أن تناولها للغش يظل قاصرا باعتبار أن معظمها أشار فقط للغش في الاعتمادات المستندية والتى تعد أحد تطبيقي الضمانات المصرفية المستقلة.