تكتسب دراسة التحليل الاستراتيجي كفرع تخصصي من فروع علم الاستراتيجية، أهمية بالغة كونه يعد مقترباً يعتد به وبنتائجه لتحديد ومعرفة المقومات الاساسية لقوة الدولة وقدرتها، الظاهرة منها أو الخفية، تبعاً لما تحّققه تلك المهمة من فوائد عدة تسهّل من فهم وإدراك ديناميكية صياغة الاستراتيجية الشاملة للدولة وتحديد مؤسسات ادائها وصنع قرارها وما تلتمسه من وسائل تصريف/ تحقيق لأهدافها وصولاً لمعرفة صيغ/ دروب صناعتها لنموذجها. وهو ما حَمَلَّ التحليل الاستراتيجي مهام مضافة، تمثلت بتقييم أداء الدوِلة وبيئتها عبر التحقق من كونها قاعدة/ مادة فحص لما تفصح عنه إشكالية التأثر والتأثير من فرص وتحديات، وتحقق من مكانة الدولة في مجالها الحيوي كفضاء تأريخي محدد المطامح والاهداف، او مكانتها في النظام الدولي، الاطار المكاني الذي تعاني منه الدول وهي تخوض سباق الاداء فيه، حيث التصادم في المواقف، والتضادد في المصالح، والتنازع في الادوار وصولاً الى تبرير الصراع بتعدد المساند والإلتماسات الواقعية أو الايديولوجية – الحضارية.
يأتي هذا الكتاب خلاصة جهد لعقد من الزمن، دأب مؤلفه على إتمامه بصيغته التي بين يديك عزيزي القارئ، بعد أن أنضجت مادته، محاضرات القيت على طلبة الدراسات الاولية والعليا (ماجستير والدكتوراه) في كليات جمهورية العراق وجامعاته المختلفة وفي محافل ومؤسسات عربية ودولية، وقد تقصدنا اتمامه بهيكليته الموصوفة هنا، رغبة منا بتحقيق تلاقح منهجي بين النظرية والتطبيق، بين الفكر والاداء، لعلنا نحقق وحدة بناء تلامس ما تعتمده مناهج واساليب التحليل الاستراتيجي الكلية والجزئية من مفردات تزيد من جدوى البحث فيه اكاديمياً…