أقر الإسلام الحنيف خلق الكرم عند العرب، قبل البعثة النبوية وحث على البذل والسخاء، وشجع على إكرام الضيف، وينأى الإسلام بنفسه عن الرياء والمن والأذى، قال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ…) .
ونفر الإسلام من ظاهرة الشح، وحذر المسلمين من البخل؛ لأنه يقطع الأواصر الاجتماعية، ويحبـط الأعمال، ويــورث التباعــــــد والتباغــض والتحاســـد، قال تعــالى: (… وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَـنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِـــهِ فَأُولَئِـكَ هُمُ الْمُفْلِحُـونَ).
ومبدأ الإيثار يظهر جلياً عند كل مسلم كريم، فيؤثر إخوانه الأتقياء ويقدمهم على نفسه، ويهدي إليهم من كسبه الحلال الطيب، ويعزف عن غيرهم من السفلة الملحدين الطاغين خشية شرهم.
وهذا ما يصوره لنا الحديث النبوي الشريف إذ يقول -عليه الصلاة والسلام-: (لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي).
والكرم يتمثل عند الرعيل الأول من هذه الأمة، فيمن اختصهم الله تعالى من عباده النبيين والصديقين والصالحين، فمن جميل صفاته عليه الصلاة والسلام جُوده السيّال، وكرمُه الفياض؛ جود وكرمُ رجل زهد في الدنيا، فلا يفرح بإقبالها، كما لا يغتم بإدبارها، إنه أكرمُ الناس وأجودُهم، إذا عد الكرماء.
فهو أكرم من خلق الله، وأجود البرية نفسا ويدا، فكفّه غمامة بالخير، ويده غيث الجود؛ لأنه بعث بمكارم الأخلاق، فهو سيد الكرماء على الإطلاق،