تعد دراسة فن هندسة تصميم الحدائق والبساتين أحد أبرز جوانب الحضارة الإسلامية في الأندلس ورفعة ذوق وحرص أهل الأندلس في ترضية العيون والقلوب والنفوس بالألوان الزاهية البراقة والعطور الشهية لمعالجة الامراض النفسية وخلق بهجة ورقة براحة الناس عند مشاهدتهم الحدائق الغناء وتوزيع اللوحات وتنسيق النباتات والأعشاب والورود كزينة يفخر بها المسجد أو القصر أوالبيوت وأماكن العبادة وساحات التسلية للعامة في المتنزهات في مدن الأندلس كنوع من الخدمات البلدية الحضارية، كما أن بيوتات الأندلس اشتهرت في وفرة أحواض وبرك المياه الجارية من مناطق العيون في الجبال المجاورة للحارات وسنادين الشتلات والزهور المعلقة بالقناني والعلب والفخاريات المتدلية في حوش دار وفناء المداخل للبيوت والمحلات، ولا تزال آثار الأزقة في قرطبة، تروي لنا حكايات اندلسية انتشار الزهور الزاهية مثل زقاق الزهور قرب ومجاور لموقع المسجد الجامع الكبير في قرطبة، إذ يحتفظ سكان تلك الدور الإسبان بالفخاريات المعلقة في جدران الحائط أو متدلية من الشبابيك والابواب والشرفات المطلة للشارع العام بالألوان المتنوعة والتي تسقى بعناية ورعاية السيدات القرطبيات المسناة بالعمر لما تشكل اهمية من حرصهن على إظفاء بهجة على صحتهن، إذ تحس بنكهة عطور الورود صيفاً وشتاءاً، وكأنك في احتفال مهرجان ومسابقة عيد الزهور أو معارض مسابقات الورود، كما نجد بأن شوارع مدريد ومدن إسبانيا تتوفر محلات عامرة بزراعة النباتات والحشائش وشتلات الورود كي تقدم هدايا في المناسبات مثل الأعراس والأفراح و حالات الشفاء من الأمراض أو النجاح، إذ يعتز الإسبان بالورود تعبيراً عن الحب والفرح والسلام والتسامح ، حتى أن كلمة أزهار بالإسبانية Azhar وياسمين Jazamin والعنبر Anbar والمسك Al-mezk والزعفران azafrano وحبة عدن Adan ويقومون بصناعة ماء الورد غالية Gala بطرق عجيبة ونكهة غريبة على الحواس ولا بد من زكران ماء الورد دليل اقصى درجات الاحترام والحب والاعتزاز، إذ قام حاكم مدينة لورقة Lorca صنع ماء ورد للحاجب (الوزير) المنصور العامري وجنده عند مروره وعبوره بالجيش الأندلسي في حملة عسكرية، إذ تمت إستضافته وجنوده واكرامه غاية الأكرام بتقديم الوان الطعام الشهي الملون وصنع له ماء الورد للإستحمام وغسل الايدي احتراماً وإعتزازاً بجهاد الحاجب المنصور العامري، كما ذكر العذري في كتابه “ترصيع الأخبار وتنويع الآثار” .