لقد أصبح موضوع الانتشار الواسع والسريع في حركة التمدن على أنها مشكلة تحرج أغلب دول العالم الثالث، فقد صاحب الارتفاع الكبير في معدلات النمو الطبيعي هجرة واسعة من الريف الى المدن ليتضاعف بعدها سكان المدن بصورة غير طبيعية، ففي العقود الأخيرة تضاعف عدد سكان الحضر في معظم الدول النامية، ولاسيما المدن الكبرى، وقدر خبراء الأمم المتحدة أنه بحلول عام العقد الثالث من القرن الحادي والعشرون سوف يكون هنالك ثلاثة وتسعون مدينة كبرى يسكن في كل منها أكثر من خمسة ملايين نسمة، ثمانون منها ستكون في الدول النامية التي تفتقر اصلا الى الموارد والمهارات الهندسية والإدارية لاستيعاب هذه الزيادة( )، ومن المؤكد أن يرافق هذا النمو الكبير للسكان اتساع مساحات المدن وزيادة مرتفعة في النشاطات الاقتصادية ومن ثم سيكون هنالك ارتفاع حاد في الطلب على الخدمات بشكل لا يتوائم مع ما موجود منها، وهذا يثير قضية شديدة الأهمية في موضوع النقص الحاد في الموارد المتاحة لمواجهة متطلبات حركة التحضر المتسارعة والتي أصبحت التسهيلات القائمة من الخدمات عاجزة عن تحمل هذا الحجم الكبير من السكان المتزايدين، ولهذا بات من الضروري إيجاد نظام فعال يساهم بصورة أساسية في تعظيم الكفاءة الاقتصادية للمدينة.
إن غياب التوازن السكاني بين البيئات الحضرية وتركز غالبية السكان في مدن معينة ضمن الأقليم وقلة أعداد السكان في مدن أخرى، جعل من الأنظمة الحضرية في اغلب دول العالم وخصوصا دول العالم الثالث تعاني خللاً وظيفياً وتخطيطياً وسكانياً.
ولعل بروز ظاهرة التمدد الحضري بأشكاله وصوره الأفقية والعمودية أثر كبير في نوعية حياة سكان المدن والأقاليم المجاورة بالوقت نفسه، لأن عملية التوسع الحضري القائمة في توسع المدن هي في الأساس على حساب المناطق الزراعية المحيطة بالمدن، فالهيمنة الحضرية التي تفرضها الحياة المتحضرة على بقية المناطق الريفية المجاورة خلف أنواع مختلفة من البيئات غير المنسجمة فأفقدت الحضر جانبه الحضري وشوهت الصفة الزراعية للعديد من الأرياف الزراعية……
…..