لم تعد البيئة الخارجية للمنظمات كما كانت مستقرة وذات ثبات ملحوظ، بل أصبحت الحركية والديناميكية من سماتها الواضحة، الأمر الذي نتج عنه إفراز مشكلات معقدة ومتشابكة ألقت بظلالها على منظمات العمل، وبالتالي حتم على هذه المنظمات ابتكار حلول لمواجهة تلك المشكلات. غير أن ابتكار الحلول لا يأتي من قبيل الصدفة، بل يتطلب توفير البيئة المناسبة لخلق الإبداعات وفتح الآفاق للخيال المنتج. لذا أصبح الاهتمام بالإبداع ضرورة لنجاح منظمات العمل، وسبباً لقدرتها على البقاء ومواجهة تغيرات البيئة الخارجية المتلاحقة. وحتى تضمن منظمات العمل نمو القدرات الإبداعية في محيطها يتوجب عليها أن تشكل نسيج ثقافتها التنظيمية لتكون داعمة ومشجعة للإبداع والابتكار، لأن الثقافة التنظيمية وما تتضمنه من قيم ومعتقدات هي التي توجه سلوك الأفراد إلى ما يجب وما لا يجب عمله في بيئة العمل.
وتواجه منظمات العمل على اختلاف مهامها وأنواعها وأحجامها، العديد من القضايا والمشكلات التي تتطلب من قياداتها والعاملين فيها ضرورة التفكير في التقليل من الاعتماد على المنهج التقليدي القائم على المحاولة والخطأ في حل المشكلات ومحاولة توظيف المنهج الإبداعي في هذا الشأن. وقد أجمع كتّاب الإدارة والمديرون اليوم على أن حاجة المنظمات إلى التفكير الإبداعي اصبحت حاجةً ملحة تفرضها التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها في المجتمع، فضلاً عن الظروف المتغيرة والمعقدة التي تعيشها المنظمات المعاصرة.