يعتبر التحرش النفسي إحدى مظاهر العنف في الوسط المهني، وقد أصبح في الوقت الراهن موضوع أبحاث من عدة تخصصات علمية،لما يشكله من معاناة نفسية عميقة الآثار، وما ينتج عنه من آلام خفية التي ترهق المتحرش به في صمت، لأنها ناجمة عن شخص مُتحرش أعطى لنفسه الحق في السيطرة على الآخرين كي ينصاعوا إليه عنوة ويطيعونه قهرا، أو بالتهديد المباشر بممارسة مختلف الضغوطات عليهم، فتقترف في حقهم سلوكيات التجريح والإهانة المستمرة لمن يرفض منهم الانبطاح، وبالتالي يصبح هدفا أو ضحية متحرش بها. هذا النمط السلوكي المقيت، يرتكبه شخص يوصف بالمجرم، بالرغم من أن الضحية هي قرينه، زميله، ورفيقه في العمل والمهنة.
التحرش النفسي في الوسط المهني يسبب عدة مشاكل، سواء للفرد (معاناة نفسية، أمراض سيكوسوماتية، المصاريف المالية المتعلقة بالتكفل العلاجي،..) أو لفريق العمل أو للمؤسسة (العطل المرضية، اضطرابات في علاقات العمل، نقص المردودية والإنتاجية،…الخ). التحرش يشكل ضغطا إضافيا ذو أبعاد اقتصادية واجتماعية، وذات الآثار الوخيمة.
الكتاب موجه إلى كل العمال مهما كانت طبيعة نشاطهم ونوع منصب عملهم، فالهدف هو للإعلام والتحسيس حول هذه الظاهرة التي غالبا ما يعتقد أنها مجرد سلوك طبيعي يحاكي المعاش اليومي للعامل…