كان هناك عداء تقليدي بين روسيا القيصرية والدولة العثمانية، ويرجع هذا العداء إلى عوامل عديدة، منها الجغرافية والدينية والقومية، يتركز العامل الاول في ان روسيا القيصرية كانت تبحث عن المياه الدافئة. اما الثانية فان روسيا القيصرية كانت القائدة والمدافعة عن الجامعة السلافية والارثدوكسية. ورثت دولة الاتحاد السوفيتي التي جاءت على أعقاب ثورة أكتوبر الروسية العوامل نفسها، ولكن بغطاء آخر، وهو انها بدأت تثير العوامل الجغرافية في العشرينات والاربعينات من القرن الماضي، ودخلت في خلافات أيديولوجية مع تركيا، منذ انضمام الاخيرة إلى الاحلاف الغربية.
ولكن بدأ هناك نوع من التقارب بين تركيا والاتحاد السوفيتي بعد حوادث عام 1964، إذ تم تبادل في الزيارات بين المسؤولين الاتراك والسوفيت بعد عام 1965. وقد أسهمت عوامل كثيرة على هذا التقارب، منها تقرير هرمل الذي قدم إلى مجلس حلف شمال الأطلسي في عام 1964، والخاص بكيفية اقامة العلاقات الثنائية بين دول حلف شمال الأطلسي وحلف وارشو، ومؤتمر الأمن الاوربي، ومؤتمر هلسنكي الخاص بالوفاق الدولي والأزمة القبرصية عام 1974، وحظر التسلح الامريكي على تركيا عام 1975.
وبعد انهيار دولة الاتحاد السوفيتي في نهاية عام 1991 وما نتج عنه من انهيار المعسكر الاشتراكي، واستقلال جمهوريات عنها، حلت روسيا الاتحادية محلها -في جغرافية محددة، ونظام سياسي يقوم على التعددية الحزبية، وفكر سياسي متباين على الفكر الذي هيمن على الحياة السياسية في الاتحاد السوفيتي لمدة اربعة وسبعين عاما، لم يستطع ان يقوم بدور الانصهار واندماج القوميات وفي اطار الفكر الاممي- لتؤكد هي الاخرى على المفاهيم التي ساد على عهد روسيا القيصرية، ودول الاتحاد السوفيتي، في تعاملها مع دول الجوار الجغرافي ومنها تركيا وبلغة اخرى الامر الذي ادى إلى بقاء ادوات الصراع السابقة، حيث كان من المعتقد فيه ازالة آثارها والانتقال إلى حقبة جديدة من العلاقات بين تركيا وروسيا الاتحادية.