اسس الدراسات الحديثة في جغرافية المدن الى الثلث الاول من القرن العشرين عندما قام كريستالر بكتابة نظريته (الاماكن المركزية) في سنة 1934 والتي اعتبرت البداية في الدراسات الحضرية الجادة بشكلها الحديث لما حظيت به من نقد وتمحيص ومحاولة تطبيق على اقاليم متعددة من دول العالم مما ادى الى تجميع معلومات وافية ودقيقة كونت الاسس العلمية لدراسة جغرافية المدن وفق اراء ونظريات حديثة تبعت تلك الدراسة. الا ان هذا لا يعني ان المدينة والاهتمام بها لم يكن له وجود بل العكس من ذلك، لكن الفرق واضح في المنهجين وما احتوى كلا منهما على مفردات تتعلق بكيفية تناول دراسات المدن والظواهر التي تتضمنها او الناس الذين يسكنوها وكذلك علاقتها الاقليمية.
فالاغريق مثلاً اهتموا بتخطيط مدنهم من ناحية العمارة والحضارة كما انها تفننوا بكل مدينة من مدنهم بمرتبة الدولة وعاشوا في دول المدن.كما اهتم الرومان كذلك في تخطيط المدن كأساس رصين لفنون العمارة وظهرت مدنهم التجارية على الجزر وعلى سواحل البحر المتوسط،. وجاء دور العرب المسلمين الذين اضافوا الكثير الى جغرافية المدن, وكان من ابرزهم ابن حقول والمسعودي وابن خرداذبة والادريسي وياقوت الحموي والبغدادي، ثم ابن خلدون الذي كتب مقدمته بالقرن الرابع عشر وتناول فيها العوامل التي تؤثر عليها وخاصة الطبيعية منها وحجومها ووظائفها وعلاقتها الاقليمية واهمية موقع المدينة من حيث مناطق الرعي والزراعة والوقود ومواد البناء الضرورية لسد حاجة سكانها كما تناول نشاطاتها الأقتصادية التي تقدمها لسكانها وسكان الاقاليم المجاورة. ومن ذلك يمكن القول بان الجغرافيين العرب كانت لهم اسهاماتهم القيمة في مجال المدن. وبانهم وضعوا اللبنات الاولى في صرح هذا التخصص الذي اجلي عنه الغبار في الفترة الحديثة وزوقت واجهته واصبح يرتاده منتفعيه……
…..