القانون مفهوم مرتبط بالحق فما أن يذكر القانون حتى يتبادر إلى المخيلة السلطة المحمية من خلاله، أو المفهوم الملازم له المتمثل بالحق فالحق نتاج معامل القانون ومجموع مخرجاته، فلا ينشأ الحق إلا إذا أقرته واعترفت به قاعدة من قواعد القانون لما بينهما من ترابط تام واتصال وثيق، لذلك يعد الحق ثمرة القانون المروية بعدالة السماء وعطاء الطبيعة والإنسانية، فبالقانون تتحدد ماهية هذا الحق ويتبين نطاقه وطرق اكتسابه وكيفية انحلاله.
وبما أن القانون هو مجموعة القواعد التي تنظم حياة المجتمع بشتى مجالاته، فوجوده يمثل ضرورة ملحة لاغنى عنها في واقع الحياة، ذلك أن أي مجتمع تخلو ربوعه من ظلال القانون يكون أشبه بالغاب الذي يتسيد فيه القوي على الضعيف، والباطل على الحق، فتختل موازين الحياة وتضطرب رحاب ميادينها ومسيرة بنائها واستقرارها، لهذا آثرنا دراسة المبادئ العامة المشتركة في العلوم القانونية كي يسهل على الطالب معرفة القانون ولزيمه في الحماية (الحق) وفهمهما الفهم المرجو وفق غايات علمية بحته ومتطلبات إنسانية خالصة وبالتالي مساعدة الدارسين على استيعاب الأحكام العامة بوصفها أسس ومساند القوانين بفروعها كافة.
فالمدخل إلى علم القانون وفق هذه الصفة لا يرتبط من حيث المبدأ، بفرع معين من فروع القانون، وإنما يتصل بها ويمهد لها جميعاً، بيد أنه من حيث الأصل ومجرى العادة يتصل بمقرر القانون المدني بوجه خاص، وذلك تأسيساً على أن القانون يمثل العمود الفقري لمجمل فروع القانون المتعددة، وهو الذي ينص على أغلب المبادئ والقواعد العامة التي تدخل في الدراسة التمهيدية للقانون.
ولما كان القانون بشقيه، العام والخاص، يقوم على أسس ومبادئ ونظريات عامة، فقد تكون عن ذلك منظومة مصطلحات قانونية مشتركة لها مدلولات مستقرة نسبياً والحال كذلك ينطبق على علم القانون الذي يقوم على نظريتين أساسيتين، هما: النظرية العامة في القانون، والنظرية العامة في الحق.