تطرق الكتاب إلى العلاقة التي كانت تربط السلطان نور الدين محمود بصلاح الدين وما استجد عليها خلال تلك الفترتين، ففي الفترة الاولى كان صلاح الدين يباشر سلطانه الفعلي في مصر بوصفه وزيراً للخليفة العاضد الفاطمي، كما كان ينفذ التعليمات الصادرة إليه من سيده نور الدين بوصفه نائباً عنه وقائداً لقواته في مصر، أما في الفترة الثانية والتي اعقبت نهاية الفاطميين، فقد صفا الوقت لصلاح الدين ، وصار يخطب باسمه على منابر مصر بعد الخليفة العباسي والسلطان نور الدين محمود، واصبح حاكماً لمصر بشكل كامل وبدون منازع أومنافس، ومع ذلك فانه لم يكن سلطاناً مطلقاً على البلاد وظل ارتباطه بنور الدين بمثابة نائباً له على مصر.
ولعله من الواضح أنه كان لزاماً على صلاح الدين في ذلك الدور أن يحدّد موقفه من نور الدين ويختار لنفسه أحد طريقين، فإما أن يظل على ولائه لنور الدين بوصفه نائباً عنه في مصر، وإما أن يستقل عن نور الدين ويخرج عن طاعته، ويجعل من نفسه ملكاً على مصر، وهذا ما يعرضه لنقمة نور الدين وهجمات جيوشه.
وهنا بدأ الخلاف والوحشة تدب بين الرجلين بسبب تحديد العلاقة بينهما، وقد حاولنا في هذا الجزء ان نتناول العلاقة بين القائدين بموضوعية علمية وبما يتفق مع اصول المنهج البحث العلمي بعيداً عن الميول والاهواء الاخرى.
كما تناول الكتاب ما تعرض له صلاح الدين الايوبي خلال تلك الفترة من مؤمرات ومحاولات للتخلص منه ومن جبش الشام في مصر، وقد سعى الى هذه المحاولات اشخاص وجماعات كانت قد تضررت مصالحها ومكاسبها من وجود صلاح الدين وجيشه، وهذه المحاولات كانت داخلية وخارجية أو الاثنين معاً ، وقد باءت جميعها بالفشل.
كذلك توسعات صلاح الدين على حساب البلاد الاخرى ومنها توسعاته في بلاد النوبة، ثم الحملة العسكرية التي ارسلها باتجاه اليمن بقيادة اخيه شمس الدولة توران شاه والذي تمكن من الاستيلاء على بلاد اليمن والقضاء على الدويلات التي كانت تتاقسم السلطان هناك. .