الحج أحد أركان الإسلام الخمسة ، وهو على مر العصور التاريخية قبلة أنظار المسلمين ، ومسعى كل من استطاع إليه سبيلا . فضلاً عن أن مسؤولية إقامة الحج وإمارته كبيرة حتى أصبحت مختلف القوى السياسية في العالم الإسلامي تتنافس آنذاك للسيطرة على الحرمين أولاً، ولتتولى من خلال ذلك مسؤولية إمارة الحج .
ولما كان المغرب العربي والأندلس جزأين مهمين من العالم الإسلامي، وكان الحج أحد وسائل توحيد المسلمين المهمة، فمن الضروري بيان حال تلك الإمارة، وكيف أدى الحج دوره في التواصل الحضاري والثقافي بين المشرق والمغرب العربيين.
إن تركيز غالبية الباحثين على الجوانب السياسية أدى إلى عدم إعطاء موضوع إمارة الحج في المغرب العربي والأندلس الأهمية التي يستحقها، على الرغم من كثرة أعداد الحجاج المغاربة والأندلسيين، لذلك اخترت الكتابة في هذا الموضوع “إمارة الحج في المغرب العربي والأندلس 138ـ 635هـ/755-1237م “، وقد ابتدأت في سنة 138هـ/755م لأنها بداية عهد الإمارة الأموية في الأندلس، وهو حدث مهم في المغرب العربي والأندلس عموماً ، في حين توقفت الدراسة عند سنة 635هـ/1237م، لأن هذه السنة شهدت انتهاء حكم الموحدين في الأندلس وظهور بني الأحمر، أما في المغرب فقد كان حكم الموحدين لا يزال مستمراً، إلا انه في مرحلة الضعف والانهيار.