يُعدُّ حفظ السلم والأمـن الدوليين من أبـرز الأهداف التي تسعى منظمة الأمم المتحدة لتحقيقها، وبعد انتهاء الحرب الباردة توسعت المصادر التي تهدد السلم والأمن الدوليين، وشملت حالات لم يتطرق إليها الميثاق، مثل النزاعات المسلحة الداخليـة، مما استدعى العمل على إيجاد أدوات حديثة تتناسب مع المتغيرات، ومن بين تلك الأدوات، عمليات بناء السلام، وذلك من خلال خلق بيئة مستقرة قائمة على أُسس القانون الدولي، وبدأت الفواعل الدولية تسعى في إطار مجال اختصاصها، إلى حل النزاعات وبناء السلام في الدُول الخارجة من النزاعات وفق أُطُر ديمقراطية، ومن بين هذه الفواعل منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية الهادفة إلى حفظ السلم والأمـن الدوليين، وأصبحت عمليات بناء السلام تحظى باهتمام واسع في الآونة الأخيرة، نظراً لِما تحمل من ثقافة نشر السلام وإعادة بناء ما تمَّ تخريبهُ في فترة النزاعات، كما تعمل على إحـلال السلام المُستدام والقضاء على مصادر عودة النزاعات من جديد.
لذلك تأتي هذه الدراسة لبيان مفهوم عمليات بنـاء السلام وتمييزها عن المصطلحات المتقاربة وتطورها والعوامل التي أسهمت في ظهورها، وبيان دور الأمم المتحدة وأجهزتها واللجان التابعة لها، فضلاً عن دور المنظمات الإقليمية، والعوامل التي أسهمت في تطور الاختصاصات الإقليمية في عمليات بناء السلام وبيان أهم التطبيقات العملية لبناء السلام على الصعيدين الدولي والإقليمي.. …..